شاركت مبادرة "السلام الأرزق في الشرق الأوسط" في مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه في الفترة من 27 إلى 29 نيسان لتعزيز رؤيتها وأنشطتها في حوار السياسات ودبلوماسية المياه والبحث والتعليم، من خلال وفد من الأعضاء من الأردن والعراق وتركيا وإيران مثل المبادرة في المؤتمر.
تتميز مبادرة "السلام الأرزق في الشرق الأوسط" بأنها الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، حيث توفر منصة إقليمية فريدة للحوار والتبادل تعود ملكيتها للمنطقة منذ عام 2010، وبوجود شركاء في العراق والأردن ولبنان وتركيا، تتبنى المبادرة أسلوب الحوار وتسعى إلى بناء القدرات واتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق رؤيتها في أن تتخذ من قوة المياه سبيلًا لبناء مستقبل سلمي للمنطقة. منذ بدايتها، تلقت المبادرة دعمًا ثابتًا من سويسرا، وذلك من خلال الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.
في 28 نيسان 2024، قدمت المبادرة جلسة فنية بعنوان "التعاون عبر الحدود من أجل المياه والسلام والقدرة على الصمود: رؤى من الشرق الأوسط"، حيث قدم الوفد نتائج دراسة تقييم البصمة المائية لمنطقة الشرق الأوسط التي نفذتها المبادرة، مما يعزز الفهم المشترك لتحديات المياه الإقليمية وفرص تعزيز استخدام المياه وتحسين كفاءتها وتوزيعها في المنطقة.
وخلال كلمته الافتتاحية في الجلسة، قدم سعادة المهندس حسين عبد الامير الزبيدي - الوكيل الفني لوزارة الموارد المائية في العراق وعضو اللجنة الاستشارية العليا للسياسات في الآلية الإقليمية للمبادرة – للحضور نبذة عن مبادرة السلام الأزرق ودورها في تعزيز الفهم المشترك والمتعمق لتحديات وفرص المياه الإقليمية من أجل تعزيز كفاءة استخدام المياه في المنطقة.
ثم سلط المهندس مفلح العلاويين العبادي - مستشار التعاون الإقليمي في مجال المياه بسفارة سويسرا - مكتب الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون - الضوء على دور الوكالة السويسرية في دعم مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط لتعزيز التعاون في مجال المياه والموارد المائية المشتركة بين جميع المستخدمين وصناع القرار المعنيين من خلال دبلوماسية المياه.
ثم عرض الدكتور محمد رضا شهبازبيجيان (إيران) دراسة البصمة المائية التي تتناول التقييم الشامل لإجمالي استهلاك المياه والتلوث في مختلف القطاعات، وتسلط الضوء على قابلية التعرض للجفاف وندرة المياه.
خلال حلقة النقاش، تحدث سعادة م. حسين الزبيدي ، والدكتور ماجد أبو زريق (الأردن)، وأعضاء اللجنة الإدارية لمنظمة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، الدكتور حكم العلمي (الأردن) والبروفيسور بولنت إينانش (تركيا)، عن الآثار المترتبة على مخرجات الدراسة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة لتنويع مصادر المياه وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الخارجية.
وسلط الدكتور أبو زريق - مدير مركز دبلوماسية المياه – على أهمية بناء القدرات في تعزيز ممارسات الإدارة المستدامة للمياه والأراضي، كما أن تضافر الجهود المشتركة أمر ضروري لتنفيذ برامج تعليمية وفنية فعالة في جميع أنحاء المنطقة.
وفي إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية العابرة للحدود، وشدد سعادة الزبيدي على أهمية مذكرة التفاهم الأخيرة بين العراق وتركيا، والتي تهدف إلى صياغة رؤية جديدة للاستثمارات في البنية التحتية للمياه، ومن خلال تبني رؤية تركز على التخصيص العادل والمنصف للمياه العابرة للحدود، تسعى الاتفاقية إلى تعزيز التعاون والاستدامة في إدارة الموارد المائية المشتركة بين البلدين.
علاوة على ذلك، استعرض الدكتور حكم العلمي الأساليب المبتكرة لتعزيز التعاون الإقليمي في تقنيات وممارسات توفير المياه، ومعالجة تحديات المياه المشتركة بشكل أكثر فعالية، والمساهمة في الإدارة المستدامة للمياه والقدرة على الصمود في المنطقة. وأخيراً، أكد البروفيسور إينانش على أهمية الجهود التعاونية في تنفيذ تقنيات وممارسات توفير المياه في الزراعة، التي تعد أكبر مستهلك للمياه في المنطقة.
واقترح المشاركون حلولاً رئيسية لمعالجة ندرة المياه في الشرق الأوسط، مؤكدين على أهمية الإدارة المتكاملة للموارد المائية والجهود التعاونية للتخفيف من تحديات ندرة المياه في المنطقة.
حتمية التعاون العابر الحدود
تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ندرة غير مسبوقة في المياه، مما يؤثر على جوانب مختلفة من الحياة بما في ذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والصحة البيئية، والاستقرار السياسي. ومع وقوع 19 دولة عربية من أصل 22 تحت عتبة ندرة المياه العذبة، هناك حاجة ماسة إلى حلول تعاونية لضمان الأمن المائي والتنمية المستدامة.
وإدراكًا لهذه الضرورة، شاركت مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا – اتفاقية المياه في تنظيم جلسة رفيعة المستوى في مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه لرفع مستوى الوعي حول فوائد الدبلوماسية المائية والتعاون في مجال المياه العابرة للحدود. ومن خلال المناقشات حول أدوات الدبلوماسية المائية، اكتسب المشاركون رؤى قيمة حول الاستفادة من هذا التعاون من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة ومعالجة التحديات الحالية والناشئة.
تقول سفيرة سويسرا في الأردن والعراق، السيدة إميليا جورجييفا: "نشعر أن الشرق الأوسط منطقة حاسمة عندما يتعلق الأمر بإدارة المياه والتعاون، ولهذا السبب انخرطنا في مبادرة السلام الأزرق لأكثر من عشر سنوات. وما تم تحقيقه لغاية الآن بفضل الجهود الضخمة التي بذلتها جميع دول المنطقة هو أمر ملفت للانتباه حقاً."
يمثل التعاون في مجال المياه العابرة للحدود استراتيجية رئيسية لتعزيز مرونة المناخ، وكفاءة استخدام المياه، وفوائد النظام البيئي، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة، مع تسليط الضوء على الدبلوماسية المائية باعتبارها مساراً حاسماً للتغيير التحويلي في المنطقة.